في عالم الإعلام الرقمي سريع التغير، برزت منصة "ثريدز" التابعة لإنستغرام كأحد أبرز المنافسين في مجال التدوين القصير والتفاعل الاجتماعي، في مواجهة مباشرة مع منصة "إكس" (تويتر سابقًا). وبينما كان يُنظر إلى "إكس" لعقود بوصفها المنصة المهيمنة في هذا النوع من التواصل، تكشف بيانات جديدة أن المعادلة قد بدأت في التغير بشكل ملحوظ.
نمو متسارع في قاعدة مستخدمي "ثريدز"
وفقًا لبيانات حديثة صادرة عن شركة "Similarweb" لتحليلات السوق الرقمية، بلغ عدد المستخدمين النشطين يوميًا على منصة "ثريدز" في يونيو 2025 نحو 115.1 مليون مستخدم على أنظمة iOS وأندرويد، مسجلة نموًا سنويًا لافتًا تجاوز 127 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024.
هذا النمو المتسارع يعكس حجم الزخم الذي تشهده المنصة، خاصة بعد مجموعة من التحديثات والتحسينات التي تم إدخالها لتعزيز تجربة المستخدم وربطها بشكل أعمق بمنصة إنستغرام.
تراجع ملحوظ في "إكس"
في المقابل، لا تزال "إكس" تتفوق من حيث عدد المستخدمين النشطين يوميًا، والذي بلغ 132 مليون مستخدم، لكنها تشهد في الوقت نفسه تراجعًا سنويًا بنسبة 15.2 بالمئة. ويُعزى هذا التراجع إلى عدة عوامل، من بينها تغيرات إدارية متكررة، وتحولات مثيرة للجدل في سياسات المنصة، إلى جانب المنافسة الشرسة من منصات جديدة تتمتع بمرونة أكبر ومزايا أكثر توافقًا مع سلوك المستخدم العصري.
عوامل تفوق "ثريدز"
يعزو الخبراء صعود "ثريدز" إلى عدة عناصر، أبرزها:
- تكاملها العميق مع تطبيق إنستغرام، ما يسهّل على المستخدمين تسجيل الدخول ومتابعة حساباتهم المفضلة دون الحاجة إلى بناء شبكة اجتماعية جديدة من الصفر.
- تصميمها البسيط وواجهتها السلسة التي تشبه إلى حد كبير تجربة استخدام "إكس" التقليدية ولكن دون الإعلانات الكثيفة أو المحتوى الجدلي.
- دعم "ميتا" القوي واستراتيجيتها في الاستفادة من قاعدة المستخدمين الضخمة لإنستغرام وفيسبوك لزيادة معدل النمو.
هل تصبح "ثريدز" بديلًا حقيقيًا؟
رغم أن "ثريدز" لا تزال تفتقر إلى بعض الميزات التي اعتاد عليها مستخدمو "إكس"، مثل غرف الصوت المباشرة والمواضيع الرائجة عالميًا، فإنها في المقابل تستفيد من تقديم تجربة أكثر هدوءًا وأقل استقطابًا، وهو ما يبحث عنه قطاع كبير من المستخدمين.
من ناحية أخرى، فإن التراجع المستمر في قاعدة مستخدمي "إكس" قد يمهد الطريق أمام تحول كبير في سوق وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما إذا واصلت "ثريدز" تحسين خوارزمياتها وتعزيز أدوات التفاعل والنقاش العام.
المستخدمون أمام مفترق طرق
مع هذا التقارب الكبير في أعداد المستخدمين، بات السؤال مطروحًا بقوة: هل ستتمكن "ثريدز" من تجاوز "إكس" لتصبح المنصة المهيمنة في مجال التدوين المصغر؟
الجواب قد يعتمد على عدة متغيرات، أبرزها استجابة "إكس" لهذه المنافسة، واستمرار "ثريدز" في الابتكار وتحسين تجربة المستخدم، وكذلك المزاج العام للمستخدمين تجاه كل منصة.
الخلاصة
تشير الأرقام والاتجاهات إلى أن "ثريدز" أصبحت اليوم منافسًا جديًا في ساحة كانت محصورة لسنوات طويلة في يد "تويتر"، واليوم "إكس". وإن استمر هذا الزخم، فقد نكون أمام تحوّل جذري في مشهد وسائل التواصل الاجتماعي، حيث قد تشهد الأعوام المقبلة إعادة رسم لخريطة المنصات المهيمنة في العالم الرقمي.