في الأيام الأخيرة، تصدّر هاشتاغ #الغاء_النت_المحدود_في_مصر تريندات مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن تجاوز عدد المنشورات المرتبطة به 33.7 ألفًا، في ما يبدو وكأنه بداية حملة إلكترونية متصاعدة ضد نظام "الباقات المحدودة" و"سياسة الاستخدام العادل" المطبقة من شركات الاتصالات في مصر.
فهل نحن أمام حراك حقيقي لتحرير الإنترنت؟ وهل تستجيب الجهات المعنية لصوت المستخدمين؟
1. ما المقصود بالإنترنت المحدود وسياسة الاستخدام العادل؟
- "الإنترنت المحدود" هو نموذج تسعير يعتمد على تخصيص عدد محدد من الجيجابايت شهريًا، وبعده يتم إبطاء الخدمة أو فرض رسوم إضافية.
- أما "سياسة الاستخدام العادل"، فهي آلية تعتمدها الشركات لتحديد سقف "غير معلن أحيانًا" لاستهلاك البيانات، بحجة منع الاستخدام المفرط من التأثير على جودة الشبكة لبقية المستخدمين.
2. لماذا تصدّر الهاشتاغ؟ دوافع الحملة
- تكرار الشكاوى من بطء الإنترنت بعد تجاوز "السعة العادلة".
- غياب الشفافية في توضيح الحد العادل، مما خلق شعورًا عامًّا بأن المستخدمين يُخدَعون.
- مطالبات متزايدة بتحويل الباقات إلى غير محدودة أو مبنية على السرعة فقط بدلًا من الجيجابايت.
3. آراء الجهات الرسمية والمقابِلة للحملة
أ. الحكومة وشركات الاتصالات:
- تعتبر الشركات أن هذه السياسات تحافظ على استقرار الشبكة وتضمن عدالة التوزيع.
- يذكر بعض المسؤولين أن "المستخدمين في مصر يستخدمون الإنترنت بكثافة، وهناك من يستهلك فوق 1 تيرابايت شهريًا، ما يهدد البنية التحتية الحالية".
ب. منطق سوق الاتصالات:
- أغلب دول المنطقة (مثل الأردن، لبنان، الجزائر) تعتمد باقات محدودة أيضًا.
- سعر الإنترنت في مصر منخفض نسبيًا حسب بعض المؤشرات الدولية، ما قد يبرر القيود المفروضة في مقابل هذا السعر.
4. تأثيرات الإنترنت المحدود على المستخدمين
- تعطل العمل عن بُعد والتعليم الإلكتروني بعد استهلاك الجيجا.
- لجوء كثيرين إلى شراء أكثر من خط أو التحايل عبر الراوترات المحمولة.
- تفاقم الفجوة الرقمية بين المدن الكبرى والريف.
5. بدائل الإنترنت المحدود: هل "ستارلينك" حل عملي؟
- خدمات مثل Starlink تثير اهتمام المستخدمين، لكنها تظل مرتفعة التكلفة وغير مناسبة حاليًا لجميع الشرائح.
- بعض المستخدمين بدأوا تجريب إنترنت الجيل الخامس 5G من شركات المحمول كبديـل مؤقت رغم محدودية التغطية.
6. هل البنية التحتية سبب المشكلة؟
- البنية التحتية في مصر تعتمد بشكل كبير على كابلات النحاس، التي تعوق تحقيق سرعات ثابتة ومستقرة.
- تباطؤ في توصيل الألياف الضوئية (الفايبر) إلى المنازل، رغم مبادرات حكومية جارية منذ 2021.
7. تجارب دولية: كيف نجحت بعض الدول في تجاوز "الإنترنت المحدود"؟
- في دول مثل فرنسا، ألمانيا، كوريا الجنوبية، يعتمد التسعير على السرعة فقط (مثلاً: 100Mbps بلا حدود شهرية).
- إدارات تنظيم الاتصالات تفرض شفافية على الشركات وتمنعها من تطبيق قيود دون الإفصاح الكامل عنها.
8. آفاق مستقبلية: هل يتحرك السوق؟
- التفاعل الكبير مع هاشتاغ #الغاء_النت_المحدود_في_مصر قد يدفع الجهات المسؤولة إلى مراجعة السياسات الحالية.
- بعض الخبراء يطالبون بإنشاء لجنة استشارية تضم ممثلين عن المستخدمين وشركات الاتصالات لتحديث نماذج التسعير.
9. حلول مقترحة:
أولًا: تطوير البنية التحتية
- الإسراع في توصيل الألياف الضوئية للمنازل بدلًا من الاعتماد على كابلات النحاس.
- توسيع تغطية شبكات الجيل الخامس وتحفيز الاستثمار في التقنيات السحابية.
ثانيًا: إعادة تصميم الباقات
- طرح باقات تعتمد فقط على السرعة (مثلاً: 100 ميغابت/ثانية بدون حد استهلاك).
- نموذج تسعير متدرج حسب وقت الذروة، وليس فقط كمية البيانات.
ثالثًا: رفع الوعي الاستهلاكي
- حملات توعية للاستخدام المسؤول بالشراكة مع المدارس والجامعات.
- تقنين ومكافحة التوصيلات غير الشرعية التي تضر بالشبكات وتُفقد الدولة موارد.
رابعًا: دعم التكنولوجيا البديلة
- تعزيز تجارب الإنترنت الفضائي عبر قوانين واضحة ودعم مبدئي.
- تحويل خطوط 5G المحمولة إلى حلول إنترنت منزلي حقيقية بأسعار منافسة.
تصدُّر هاشتاغ #الغاء_النت_المحدود_في_مصر بما يزيد على 33.7 ألف منشور ليس مجرد احتجاج على الجيجا، بل يعكس تحوّلًا أعمق في فهم المستخدمين للاتصال الرقمي كحق أساسي وليس كسلعة مؤقتة.
الكرة الآن في ملعب صانعي القرار، الذين يمكنهم—بتحرك جاد—تحويل مصر إلى دولة رائدة في حرية الاتصال، عبر تحرير الإنترنت من القيود، وتمكين الأفراد، وتحقيق تحول رقمي شامل.
هل تعتقد أن هذه الحملة ستغير شكل الإنترنت في مصر؟ شاركنا تجربتك ورأيك..
