لماذا تُصنع معظم الإلكترونيات في الصين؟


 تكلفة الإنتاج المنخفضة والبنية التحتية المتطورة

من أبرز الأسباب التي تجعل الصين مركزًا عالميًا لتصنيع الإلكترونيات هي انخفاض تكلفة العمالة مقارنة بالدول الغربية والآسيوية المتقدمة. هذا العامل يمنح الشركات العالمية القدرة على تقليل تكلفة إنتاج الأجهزة وتحقيق أرباح أعلى، مما يجعل خيار التصنيع في الصين خيارًا اقتصاديًا جذابًا. ورغم الزيادات الأخيرة في الأجور، لا تزال تكلفة الإنتاج في الصين تنافسية، خاصة عند احتساب جودة وكفاءة العمالة.

"غروك" يثير الجدل مجددًا.. اتهامات بإهمال معايير الأمان في شركة الذكاء الاصطناعي التابعة لماسك

إضافةً إلى ذلك، تمتلك الصين بنية تحتية صناعية فائقة التطور تشمل موانئ ضخمة، وشبكات نقل لوجستية عالية الكفاءة، وشبكة كهرباء مستقرة، مما يسهّل على الشركات العالمية تشغيل خطوط الإنتاج بسلاسة وتصدير المنتجات بسرعة إلى أي مكان في العالم.

توفر سلاسل التوريد المتكاملة والمواد الخام

أحد أكبر عوامل جذب الشركات إلى الصين هو تكامل سلاسل التوريد داخل البلاد. في مدن مثل شنتشن، يمكن لمصنّع الهواتف الذكية أن يجد جميع مورديه - من صانعي الشاشات والبطاريات إلى اللوحات الأم والمكونات الدقيقة - ضمن دائرة لا تتجاوز بضع كيلومترات. هذا القرب يسرّع الإنتاج ويقلل من التكاليف الزمنية والمادية المرتبطة بالشحن بين الموردين.

كما أن الصين غنية بالمعادن النادرة والمواد الخام الأساسية لصناعة الإلكترونيات مثل النيوديميوم والكوبالت والليثيوم. وتُعد الدولة من كبار مورّدي هذه المواد عالميًا، وتحتكر جزءًا كبيرًا من عملية معالجتها، مما يمنحها تفوقًا استراتيجيًا في مجال التصنيع الإلكتروني.

دعم حكومي واسع وتشريعات مواتية

توفر الحكومة الصينية دعمًا هائلًا للقطاع الصناعي، سواء من خلال إعفاءات ضريبية، أو دعم مباشر للمصانع المحلية، أو إقامة مناطق اقتصادية خاصة تتمتع بقوانين محفزة للاستثمار. وقد لعب هذا الدعم دورًا رئيسيًا في جذب كبرى شركات الإلكترونيات مثل "أبل" و"سامسونغ" و"إنتل" لتأسيس مصانع أو التعاقد مع مصنعين صينيين.

إضافة إلى ذلك، تنتهج الصين سياسات تشريعية مرنة فيما يتعلق بحقوق العمل، والبيئة، وساعات العمل، مقارنة بدول مثل الولايات المتحدة أو أوروبا. هذا الواقع يمنح المصانع مزيدًا من المرونة التشغيلية، وإن كان يثير أحيانًا انتقادات دولية تتعلق بحقوق العمال وظروف العمل.

لماذا تتوسع شركتي ميتا و جوجل في إطلاق الكابلات البحرية

خبرة تراكمية وموارد بشرية هائلة

الصين لم تبدأ رحلتها في التصنيع الإلكتروني مؤخرًا، بل تمتلك عقودًا من الخبرة التراكمية في مجال الإلكترونيات، مما مكّنها من تطوير مهارات عالية ودقة في التصنيع، سواء في المنتجات الرخيصة أو الراقية. هذه الخبرة تُمكّن الشركات من تنفيذ عمليات إنتاج معقدة دون الحاجة لإعادة التدريب أو بناء الكفاءات من الصفر.

كذلك، تمتلك الصين كتلة سكانية ضخمة تتضمن ملايين المهندسين والفنيين المهرة، الذين يتم تدريبهم في جامعات ومعاهد تقنية تركّز بشكل كبير على احتياجات الصناعة. هذا يوفر للشركات قاعدة بشرية جاهزة لأي توسع أو تعديل في الإنتاج، ما يندر توفره في أماكن أخرى.

 تأثير الاستثمارات الأجنبية والاعتماد المتبادل

منذ التسعينيات، تدفقت الاستثمارات الأجنبية المباشرة بشكل كبير إلى قطاع التصنيع الصيني، خاصة في مجال الإلكترونيات. شركات مثل "فوكسكون" و"بيغاترون" لعبت دورًا محوريًا في تطوير القاعدة الصناعية الصينية، وغالبًا ما تكون هذه الشركات مسؤولة عن تجميع أشهر الأجهزة الإلكترونية في العالم، من آيفون إلى بلايستيشن.

أخيرًا، أدى هذا النموذج إلى تشابك الاعتماد بين الصين والعالم: فبينما تعتمد الشركات العالمية على قدرات الصين التصنيعية، تعتمد الصين أيضًا على التكنولوجيا والتصميم الغربي، مما خلق نظامًا دوليًا متكاملًا يصعب فصله بسهولة. لذلك، ورغم الضغوط الجيوسياسية الأخيرة، يبقى إنتاج الإلكترونيات في الصين عنصرًا مركزيًا في الاقتصاد العالمي.


تعليقات

مشاركة مميزة

بحث هذه المدونة الإلكترونية

كتبه فريق التحرير في
معلومة ديجيتال

نحن نعمل على تقديم محتوى تقني موثوق، شامل، ومحدث دائمًا لمساعدتك على فهم التكنولوجيا الحديثة وتطبيقاتها اليومية.

تابعنا لمزيد من الشروحات والمقالات الحصرية:
tech.ma3looma.online

تابع صفحاتنا الرسمية:
فيسبوك | تويتر | تيليغرام | يوتيوب