لماذا لا تطلق سامسونغ هاتفًا بنظام تشغيل خاص بها؟

الهيمنة المطلقة لأندرويد وصعوبة كسر الاحتكار

تُعد شركة سامسونغ من أكبر مصنعي الهواتف الذكية في العالم، ومع ذلك لم تعتمد على نظام تشغيل خاص بها، بل فضّلت استخدام نظام أندرويد المفتوح المصدر. والسبب الجوهري هو الهيمنة المطلقة لأندرويد في السوق، خاصة في الفئة غير التابعة لأبل. دخول منافس جديد في هذا السوق يتطلب موارد ضخمة وقدرة على بناء نظام بيئي متكامل، وهو أمر حتى عمالقة التقنية يجدونه تحديًا هائلًا.

نظام أندرويد يمنح سامسونغ مرونة هائلة وتوافقًا مع ملايين التطبيقات، وهو ما يصعب توفيره بأي نظام تشغيل جديد. وبالتالي فإن أي محاولة لطرح هاتف بنظام تشغيل خاص بها ستكون مجازفة قد تُفقدها قاعدة ضخمة من المستخدمين المعتادين على تجربة أندرويد.

تجربة "تايزن" التي لم تنجح في الهواتف

سامسونغ حاولت بالفعل تطوير نظام تشغيل خاص بها باسم "تايزن" (Tizen)، واستخدمته في ساعاتها الذكية وأجهزة التلفاز وبعض الهواتف المحدودة في أسواق ناشئة مثل الهند. لكن التجربة لم تنجح في سوق الهواتف الذكية، حيث فشل النظام في جذب المطورين ولم يحظَ بقاعدة تطبيقات كافية.

المستخدمون اليوم لا يبحثون فقط عن الهاتف، بل عن نظام بيئي متكامل يضم تطبيقات وخدمات وتحديثات أمنية. تايزن لم يلبِّ هذه الاحتياجات، مما دفع سامسونغ للتراجع عنه في الهواتف والتركيز على تطوير واجهتها الخاصة (One UI) فوق أندرويد بدلًا من ابتكار نظام بديل بالكامل.

لماذا تُصنع معظم الإلكترونيات في الصين؟

خوف من خسارة حصة السوق العالمية

لو أطلقت سامسونغ هاتفًا بنظام تشغيل خاص بها، فإنها ستُخاطر بخسارة جزء كبير من حصة السوق العالمي. المستخدمون قد يترددون في اقتناء هاتف لا يدعم تطبيقاتهم المفضلة أو لا يتوافق مع الخدمات المعتادة مثل Google Maps، Gmail، YouTube، وغيرها.

في ظل المنافسة الشرسة مع شركات مثل شاومي وأوبو وآبل، فإن أي خطوة غير محسوبة من حيث النظام قد تطيح بمكانتها، خصوصًا في الأسواق الحساسة مثل أمريكا الشمالية وأوروبا، حيث ولاء المستهلك لتجربة النظام مهم جدًا.

أندرويد المفتوح: خيار ذكي وليس ضعفًا

من الناحية التقنية، استخدام أندرويد لا يعني أن سامسونغ "تعتمد" بالكامل على غوغل، بل هو اختيار استراتيجي ذكي. سامسونغ تعدّل واجهة أندرويد بعمق عبر One UI، وتضيف تطبيقاتها الخاصة وخدماتها مثل Samsung Pay وSamsung Health، مما يمنحها تميزًا عن باقي المصنعين دون فقدان الدعم الكامل من غوغل.

في الوقت ذاته، تتيح هذه الاستراتيجية لسامسونغ التركيز على الابتكار في الأجهزة والكاميرا والتقنيات القابلة للطي، بدلًا من إهدار سنوات في بناء نظام تشغيل من الصفر والدخول في حرب مباشرة مع غوغل وآبل.

لماذا تتوسع شركتي ميتا و جوجل في إطلاق الكابلات البحرية

مستقبل النظام البيئي أهم من امتلاك النظام

أخيرًا، فلسفة سامسونغ في السنوات الأخيرة تركز على تعزيز النظام البيئي الذكي بين هواتفها وساعتها وسماعاتها وأجهزتها المنزلية الذكية. لذلك فإن السؤال لم يعد: "هل تملك سامسونغ نظام تشغيل خاص بها؟"، بل: "هل تملك تجربة متكاملة سلسة للمستخدم؟"، والإجابة هي نعم.

ما تريده سامسونغ هو ضمان ولاء المستخدم لمنظومتها بالكامل، وليس مجرد امتلاك "نظام تشغيل". ومن هذا المنطلق، فإنها ستظل تستخدم أندرويد طالما أنه يخدم رؤيتها ويمنحها حرية الإبداع دون تكلفة الفرصة الضائعة لنظام تشغيل مستقل.

تعليقات

مشاركة مميزة

بحث هذه المدونة الإلكترونية

كتبه فريق التحرير في
معلومة ديجيتال

نحن نعمل على تقديم محتوى تقني موثوق، شامل، ومحدث دائمًا لمساعدتك على فهم التكنولوجيا الحديثة وتطبيقاتها اليومية.

تابعنا لمزيد من الشروحات والمقالات الحصرية:
tech.ma3looma.online

تابع صفحاتنا الرسمية:
فيسبوك | تويتر | تيليغرام | يوتيوب