أصبح الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل "شات جي بي تي" جزءا أساسيا من أدوات العمل اليومية لدى كثير من الشركات، فهو يساعد في إنجاز المهام بسرعة، وصياغة الأفكار، وتحسين الإنتاجية. غير أن الاعتماد المتزايد على هذه الأدوات قد يحمل مخاطر أمنية وقانونية حقيقية إذا لم يُحسن الموظفون استخدامها أو فهم تبعاتها. وفي ما يلي أبرز ستة أخطار يجب الانتباه لها عند التعامل مع "شات جي بي تي" أو أي أداة ذكاء اصطناعي مشابهة.
واتساب يستبدل تطبيق ويندوز الأصلي بإصدار ويب أبطأ.. هل خسر المستخدمون التجربة المثالية؟
1. خطر مشاركة المعلومات الحساسة دون قصد
من أكثر الأخطاء الشائعة إدخال بيانات حساسة أو خاصة في محادثات الذكاء الاصطناعي، مثل تفاصيل عقود، بيانات عملاء، أو حتى معلومات مالية للشركة. ما قد يبدو بريئًا – مثل طلب صياغة عقد أو كتابة مقترح اعتمادًا على بيانات داخلية – قد يُعتبر في نظر سياسات الأمن السيبراني إفشاءً للمعلومات.
حتى إن بعض الشركات المطورة لتلك الأدوات، مثل "أوبن إيه آي"، توفر خيارات مؤسسية لحماية بيانات العملاء، إلا أن السياسات يمكن أن تتغير، وقد تبقى المخاطر قائمة في حال تسرب البيانات أو استخدامها لاحقًا لتدريب النماذج.
لحماية نفسك وشركتك، لا ترسل أبدًا بيانات خاصة أو معلومات ملكية فكرية مباشرة إلى أدوات الذكاء الاصطناعي دون تصريح من فريق الأمن أو القانون الداخلي. إذا كان لا بد من ذلك، يمكن استخدام حسابات مخصصة للمؤسسات بدلاً من الحسابات الفردية، حيث توفر هذه الأخيرة مستويات أعلى من الحماية والسرية.
مايكروسوفت تكشف عن هجوم يوم الصفر.. تهديد جديد للأمن السيبراني العالمي
2. المعلومات المضللة أو الأخطاء “الهلوسية”
أحد أهم التحديات في التعامل مع الذكاء الاصطناعي التوليدي هو "الهلوسة"، حيث يقدم النظام إجابات خاطئة أو غير دقيقة تبدو منطقية للغاية. على سبيل المثال، قد ينشئ "شات جي بي تي" مراجع وهمية أو يخطئ في الأرقام أو يسيء تفسير سياق ما.
الاعتماد الكامل على محتوى الذكاء الاصطناعي دون مراجعة بشرية يُعد خطأً فادحًا. يمكن أن يؤدي ذلك إلى تقارير خاطئة، قرارات غير دقيقة، أو حتى تقديم بيانات مضللة للعملاء أو الشركاء.
الحل: تعامل مع المخرجات كمسودات تحتاج إلى تحقق وتدقيق من مصادر موثوقة. قبل استخدام أي محتوى مُنشأ بالذكاء الاصطناعي، قم بمراجعته وتصحيحه كما لو كنت تراجع مسودة كتبها موظف جديد تمامًا.
3. التحيزات المضمنة في النماذج
نماذج اللغة الكبيرة مثل "شات جي بي تي" تتعلم من كميات هائلة من البيانات العامة، وهذه البيانات قد تحتوي على تحيزات ثقافية، سياسية، أو اجتماعية. النتيجة أن مخرجات الأداة قد تعكس هذه التحيزات بشكل غير مقصود، وهو ما قد يؤثر سلبًا على قرارات العمل.
على سبيل المثال، إذا تم استخدام الذكاء الاصطناعي في عمليات التوظيف أو اختيار المرشحين، فقد يؤدي ذلك إلى نتائج غير عادلة أو متحيزة. هناك سوابق لأدوات ذكاء اصطناعي تسببت في استبعاد فئات معينة بسبب أنماط بيانات التدريب.
النصيحة: يجب ألا يُعتمد على مخرجات الذكاء الاصطناعي لاتخاذ قرارات حساسة مثل التوظيف أو التقييم دون مراجعة بشرية واعية. ومن المفيد تدريب فرق العمل على كيفية اكتشاف التحيزات في ردود هذه الأدوات.
أسعار هواتف آيفون 15 في السعودية
4. انحراف المحادثات وتأثير الذاكرة
بعض أدوات الذكاء الاصطناعي تحتفظ بسياق المحادثات السابقة أو تعتمد على الذاكرة المستمرة لتقديم إجابات مخصصة. ورغم أن هذا يحسّن التجربة للمستخدم، إلا أنه قد يؤدي إلى "انحراف" الردود.
على سبيل المثال، إذا كنت مديرًا للموارد البشرية وأبديت رأيًا سلبيًا عن نوع معين من المرشحين أثناء محادثة سابقة، قد تميل الأداة لاحقًا لتأكيد هذا التحيز دون وعي. هذا التراكم في "التجارب السابقة" يمكن أن يؤثر على دقة النصائح المستقبلية.
الحل: تعامل مع الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة وليست كمرجع نهائي. لا تعتمد على "ذاكرة" الأداة في القرارات طويلة المدى، واحرص على البدء بمحادثات جديدة للموضوعات المهمة لتجنب تراكم الانحياز.
5. أخطاء المستخدمين وسوء الفهم
أحيانًا تكمن المشكلة ليس في الأداة، بل في طريقة استخدامها. هناك حالات لافتة حدثت عندما لم يكن المستخدمون على دراية بأن مدخلاتهم أو محادثاتهم يمكن أن تُعرض للعامة أو تُخزّن بطرق غير متوقعة.
على سبيل المثال، أطلقت شركة "ميتا" تطبيقًا يعتمد على نموذج "لاما" (Llama)، وتبين أن المحادثات التي يجريها المستخدمون قد تظهر في موجز اجتماعي عام، ما تسبب بتسرب معلومات حساسة عن غير قصد.
أي خطأ بسيط في إعدادات الخصوصية، أو ترك أداة تسجيل تعمل بعد اجتماع رسمي، يمكن أن يؤدي إلى تسرب بيانات أو مواقف محرجة. الحذر هنا واجب، خاصة عند استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي ضمن فرق العمل أو الاجتماعات الحساسة.
6. انتهاك حقوق الملكية الفكرية
تثير أدوات الذكاء الاصطناعي الإبداعية – مثل تلك التي تنتج صورًا أو شعارات أو موسيقى – جدلاً قانونيًا متزايدًا، لأنها غالبًا ما تُدرب على مواد محمية بحقوق الطبع والنشر. ما تنتجه الأداة قد يتضمن عناصر مستوحاة أو منسوخة جزئيًا من أعمال أخرى، ما قد يعرضك لمشكلات قانونية.
هناك بالفعل دعاوى قضائية ضخمة في هذا المجال، مثل القضايا المرفوعة ضد "أوبن إيه آي" و"ميتا" بسبب تدريب نماذجها على بيانات محمية دون إذن. وهذا يعني أن أي محتوى تنشئه باستخدام هذه الأدوات قد يحتاج إلى مراجعة قانونية قبل استخدامه تجاريًا.
النصيحة: إذا كنت تخطط لاستخدام أي عمل مولد بالذكاء الاصطناعي في منتجات أو حملات تسويقية، استشر دائمًا القسم القانوني أو محامي مختص لتفادي الانتهاكات المحتملة
كيف تتحكم تايوان في سوق الرقائق الإلكترونية العالمي؟
كيف تحمي نفسك وشركتك من هذه الأخطار؟
- ضع سياسات واضحة لاستخدام الذكاء الاصطناعي: يجب أن تحدد الشركات متى وكيف يمكن استخدام الأدوات التوليدية، وما نوع البيانات المسموح بمشاركتها معها.
- استخدم حسابات مؤسسية آمنة: توفر بعض الشركات أدوات ذكاء اصطناعي مخصصة للقطاع التجاري، مع ضمانات إضافية لحماية الخصوصية.
- درّب الموظفين: كثير من المخاطر تأتي من قلة الوعي. التدريب على أساسيات الأمن السيبراني والخصوصية أصبح ضرورياً عند التعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي.
- راجع المخرجات دائمًا: لا تقبل أي إجابة أو محتوى من الذكاء الاصطناعي دون تدقيق بشري، خاصة في الأمور القانونية أو الاستراتيجية.
- راقب تحديثات السياسات: الشركات المطورة قد تغيّر سياسات الخصوصية أو شروط الاستخدام، لذا من المهم البقاء على اطلاع دائم.
- تعاون مع خبراء الأمن والقانون: أي مشروع يعتمد على الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى إشراف من فرق متخصصة لضمان الامتثال للقوانين واللوائح.
مستقبل الذكاء الاصطناعي في بيئات العمل
رغم هذه المخاطر، لا شك أن أدوات مثل "شات جي بي تي" ستبقى حاضرة بقوة في أماكن العمل، خاصة مع التنافس المحموم بين الشركات لإدماج الذكاء الاصطناعي في كل قطاع. لكن النجاح الحقيقي يكمن في استخدام هذه الأدوات بطريقة مسؤولة وآمنة.
من المتوقع أن نشهد تطورًا كبيرًا في الأدوات المؤسسية التي تركز على الأمان والخصوصية، مثل النسخ المخصصة للشركات التي تقدمها "أوبن إيه آي" أو "أنثروبيك". كما ستظهر معايير قانونية أو حتى تشريعات خاصة تحدد بدقة كيفية استخدام هذه التقنيات دون الإضرار بالمستخدمين أو انتهاك حقوق الآخرين.
الخلاصة
استخدام "شات جي بي تي" في العمل قد يضاعف الإنتاجية، لكنه ليس خاليًا من المخاطر. إدراك هذه المخاطر – من تسرب البيانات إلى التحيزات والأخطاء القانونية – هو الخطوة الأولى نحو حماية نفسك وفريقك. تذكر أن الذكاء الاصطناعي أداة مساعدة، وليس بديلاً عن الحكم البشري أو المراجعة المتخصصة.