عودة الميتافيرس من الباب الكبير
بعد موجة من التشكيك والتراجع التي لاحقت مشروع الميتافيرس في السنوات الماضية، يعود هذا المفهوم الرقمي المتكامل إلى دائرة الضوء مجددًا، ولكن هذه المرة مدعومًا بتقنيات أكثر نضجًا ونماذج اقتصادية أكثر واقعية. شركات التكنولوجيا الكبرى، وعلى رأسها ميتا (فيسبوك سابقًا)، ومايكروسوفت، وسامسونغ، تعيد استثماراتها إلى هذا العالم الرقمي الواسع، حيث يتداخل الواقع الافتراضي والمعزز مع الذكاء الاصطناعي التوليدي لتشكيل ما يُعرف بـ"الإنترنت 4.0".
الميتافيرس الآن ليس مجرد بيئة ألعاب أو تجربة اجتماعية ثلاثية الأبعاد، بل نظام بيئي رقمي شامل يدمج بين التفاعل الاجتماعي، والتجارة، والتعليم، والعمل، وحتى الرعاية الصحية، في فضاء افتراضي موحد.
آبل تُسرب تفاصيل iPhone 17... شحن لاسلكي عن بُعد وبدون منافذ!
ما هو الإنترنت 4.0؟
الحديث عن "الإنترنت 4.0" لا يرمز فقط إلى تطور تقني، بل إلى نقلة نوعية في طريقة استخدام البشر للإنترنت وتفاعلهم معه. بعد:
- الإنترنت 1.0: صفحات ثابتة ومحتوى معلوماتي محدود.
- الإنترنت 2.0: التفاعل الاجتماعي والمحتوى المُنتَج من قبل المستخدمين.
- الإنترنت 3.0: البلوكتشين واللامركزية والملكية الرقمية.
نحن الآن نتجه نحو الإنترنت 4.0: عالم رقمي غامر، ذكي، دائم الاتصال، يُديره الذكاء الاصطناعي، وتتكامل فيه الهويات الافتراضية والمادية بسلاسة تامة.
الميتافيرس يُعتبر البوابة الرئيسية لهذا التحول، ويعمل كمنصة مركزية لدمج هذه التطورات تحت سقف واحد.
الميتافيرس الجديد: تكامل الذكاء الاصطناعي والحواس الرقمية
الجيل الجديد من الميتافيرس يختلف كثيرًا عما شاهدناه سابقًا في المشاريع الأولى مثل "Horizon Worlds" أو "Decentraland". الآن، بات بإمكان المستخدم:
- إنشاء شخصيات ومجتمعات افتراضية باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي.
- خوض تجارب واقعية مدعومة بالحواس مثل اللمس والشم، بفضل تقنيات الواقع الممتد (XR) الجديدة.
- التنقل والعمل والتعليم داخل بيئات ثلاثية الأبعاد دون الحاجة إلى الخروج من التجربة الرقمية.
- استخدام العملات الرقمية والمحافظ الذكية في إجراء عمليات الشراء والبيع داخل الميتافيرس بسلاسة.
كما أصبح بإمكان الشركات عقد اجتماعات افتراضية عالية التفاعل، والمؤسسات التعليمية تقديم دورات عملية بالكامل في بيئات محاكاة متطورة، ما يُعيد تعريف مفهوم "المكان" و"الزمان" في حياتنا اليومية.
منصات وشركات تعيد تشكيل المشهد
الميتافيرس الجديد لم يعد مشروعًا طموحًا وحيدًا لفيسبوك فقط. فهناك الآن:
- سامسونغ تطلق منصات تعليمية وتجارية داخل الميتافيرس تتيح تجربة منتجاتها افتراضيًا.
- مايكروسوفت تعيد بناء "Mesh for Teams" لتوفير اجتماعات غامرة باستخدام نظارات الواقع المختلط.
- إنفيديا وAMD تقدم تقنيات رسوميات متقدمة لتمكين تجارب أكثر واقعية وانسيابية.
- آبل دخلت رسميًا المشهد عبر Apple Vision Pro، الذي يُعد أحد مفاتيح مستقبل الواقع الافتراضي والمعزز عالي الدقة.
مخاوف أخلاقية ومخاطر الخصوصية
مع عودة الزخم إلى الميتافيرس، تظهر مجددًا الأسئلة الأخلاقية المتعلقة بالهوية، وخصوصية البيانات، والإدمان الرقمي، وسلامة الأطفال. المنظمات الحقوقية ومراكز الأبحاث تدعو إلى:
- وضع أطر تنظيمية واضحة لاستخدام تقنيات الواقع الممتد.
- مراقبة استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في بناء الشخصيات والعوالم، لتفادي التضليل أو إساءة الاستخدام.
- ضمان تكافؤ الوصول وعدم خلق "عالم افتراضي للنخبة فقط".
هل نعيش فعلاً بدايات الإنترنت 4.0؟
العودة القوية للميتافيرس، مدعومةً بالتقدم السريع في الذكاء الاصطناعي والواقع الممتد، تُشير إلى أننا بالفعل على أعتاب الإنترنت 4.0 — نسخة أكثر ذكاءً، تفاعلاً، واندماجًا مع حياتنا الواقعية.
السؤال الآن لم يعد: "هل سينجح الميتافيرس؟" بل "متى سنصبح جميعًا جزءًا منه؟".